مجلة الحياة للأطفال    هاتف ; 048677619
acfa@zahav.net.il

في مؤخرة بطن النحلة إبرة تغرزها
   

أتى أخو عرقوب يسأله شيئا، فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها. فلمَّا أطلعَتْ أتاهُ، فقالَ له عرقوب :دَعْها حتَّى تصير بلحا.

   
 

 
 



اضافة صور

 
     
قدري طوقان من اعلامنا الفلسطينيين


 

قَدري طوقان

 

أنا قدري حافظ طوقان،

 وُلدتُ في مدينةِ نابلسَ سنةَ 1910م،

ونشأتُ في أسرةٍ ثريةٍ عريقةٍ، وذاتِ اهتمامٍ بشئونِ العلمِ، وقضايا السيِّاسةِ.

تلقَّيْتُ عُلوميَ الإبتدائيَّةَ والثَّانويَّةَ في كليَّة النَّجاحِ الوطنيَّةِ

(جامعة النجاح الوطنية الآن)

وتخرَّجْتُ فيها سنة 1924م، وبعدها، توجَّهْتُ إلى بيروتَ لمواصلةِ تحصيليَ العلميِّ، فأمضيتُ في الجامعةِ الأمريكيَّةِ أربعَ سنواتٍ، حصلتُ، على إثرها، على درجةِ البكالوريوس في الرِّياضيّات سنة 1929م.

عُدْتُ، بعد ذلك إلى مدينتي نابلسَ، وعُيِّنْتُ مُدرِّساً للرِّياضيَّاتِ في كليَّةِ النَّجاح الوطنيَّة، خلفاً لأستاذِ الرياضياتِ الأمريكيِّ المسلمِ أحمد هارلو. وبعدَ أن قدمَ الأستاذ عبد اللطيف الحبّال استقالتَهُ من إدارةِ كليَّة النَّجاح، تمَّ اختياري لأحلََّ في منْصِبِهِ مديراً سنة 1950م، فعملتُ على تطويرِ الكليةِ إدارياًّ، وعلمياًّ، فوسَّعتُ إطارَ التعليمِ فيها لتصبحَ مشتملةً على معهدٍ لإعدادِ المعلِّمينَ والمعلِّماتِ سنة 1965م. وبقيتُ متمسكاً بالإشرافِ على كليَّةِ النَّجاحِ وَمَعْهَدِها وإدارتِهِما، رغمَ مشاغلي الكثيرةِ، لما لهذه المؤسَّسةِ التَّعليميةِ من مكانةٍ عظيمةٍ في نفوسِ العربِ بعامَّةٍ والفلسطينيِّين بخاصّةٍ.

لقد عملَ، في هذه المنارةِ العلميَّةِ، عددٌ كبيرٌ من روَّادِ العلمِ والفكرِ والثقافةِ في العالم العربي، أمثال العالم اللّغوي والشّاعر المُبدع محمد العدناني، والشَّاعر الرقيق إبراهيم طوقان، والباحث المعروف الدكتور أنيس الخوري المقدسي، والدكتور أحمد أحمد بدوي، والدكتور عمر فروخ وغيرهم، كما استظلَّت بفيءِ هذه الدّوحةِ الشّامخة أعدادٌ هائلةٌ من طلبةِ العلمِ العربِ من أقصى المحيط الأطلسيِّ في المغربِ العربي، وحتى الخليج العربي في المشرق.

ثقافتي الفكرية وإبداعي العلميّ

 

كنتُ مولعاً، منذُ نشأتي وحداثتي، بالعلوم الرِّياضيَّةِ. ومن هذا المُنطلقِ، فقد قرَّرْتُ التوجُّهَ إلى الجامعةِ الأمريكيةِ ببيروت، لدراسةِ الرياضيَّاتِ التي نبغتُ فيها، وفي كلِّ ما يتَّصِلُ بها من علوم.

وبقدرِ ما كنتُ ذا شغفٍ بالرِّياضيَّات، فقد كُنْتُ مغرماً جداًّ بدراسةِ التُّراثِ العربيِّ العلميِّ في شتَّى ميادينه، وخاصَّةً في مجالِ الرِّياضيَّاتِ والفلكِ. ولقد أوصلتني تلك الدِّراسةُ، إلى القيام بأكبرِ الدِّراسات المعاصرةِ في ميدانِ بعثِ هذا التراثِ، والدَّعوةِ إلى الإعتزازِ به، والإقتداءِ، بعبقريَّةِ أصحابهِ وصانعيهِ.

لكنَّ عنايتي بالنَّاحيةِ العلميةِ، لم تصرفني عن قراءة الأدب، والإستمتاعِ بما تضمَّنه من عواطفَ ومشاعرَ وأحاسيسَ. فقد كنتُ أقرأُ، على نحوٍ واسعٍ، ما يقعُ بين يديَّ من كتبٍ أدبيةٍ وثقافيةٍ مختلفة، فقرأتُ"كليلة ودمنة"، وألف ليلة وليلة"، والكثيرَ من كتبِ اللغة والأدب، ودواوينِ الشعر. ومن يُرد أن يعرفَ حجمَ ثقافتي الفكريَّةِ، فما عليه إلاَّ أن يقومَ بزيارةٍ إلى مكتبةِ بلديةِ نابلس العامَّة، ويصعدَ إلى الطابقِ الثَّاني، ليشاهدَ مكتبتي الخاصَّةَ، هذه المكتبةِ العامَّةِ، ليتمكَّنَ جمهورُ المفكّرينَ والمثقّفينَ من القراءةِ والمطالعةِ.

لقد أسهمتُ، في ميدانِ الفكرِ العلميِّ، بعددٍ كبيرٍ من الكتبِ، وبعددٍ أكبرَ من المحاضراتِ التي ألقيتها في الأنديةِ الثقافيّةِ، والمجامعِ العلميّةِ في عواصمِ العروبةِ، في القاهرةِ، ودمشقَ، وبيروتَ، وعمانَ، وبغدادَ، وغيرها، بالإضافة إلى المقالاتِ التي كانت لي أيضاً على صفحاتِ الجرائدِ والمجلاتِ العربيةِ مثل"المقتطف"، و"الرسالة"،و"الثقافة"، و"الأديب"،و"العرفان"، و"الأمالي"، وغيرها. وعلاوةً على ذلك،فقد اشتركتُ فيما يقربُ من عشرين مؤتمراً علميّاً عقدت في بعضِ دولِ أوروبا، وآسيا، وإفريقيا، فضلاً عن تلك المؤتمرات العلميّةِ التي عقدت في مصرَ، ولبنانَ، وغيرهما من البلدان العربيّةِ والإسلاميّةِ.

كما كنتُ، بالإضافةِ إلى ذلك، لَبِنِةً مركزيةً في صرحِ الحضارةِ والثّقافةِ العربيّةِ المعاصرة، وقد تمثلَ ذلك بعضويّتي للعديدِ من المجامعِ والمؤسّساتِ الثّقافيةِ في فلسطينَ وغيرها من أقطار العروبةِ المختلفة. فعلاوةً على إدارتي لمؤسّسة النّجاحِ التّعليميةِ، فقد تبوَّأتُ مناصبَ فكريةً وثقافيةً متعددةً، منها:

*عضويّة الهيئةِ الإداريّةِ للّجنةِ الثّقافيةِ العربيّةِ في فلسطين، منذُ سنة 1945م.

* عضويّةُ المجلسِ الأعلى للتّعليمِ في الأردنِّ، ورئيس اللجنة الأردنية للعلوم، منذُ سنة 1955م.

* رئاسةُ اللجنةِ الأردنيّةِ للتّعريبِ والتّرجمةِ والنّشرِ في السّنوات 1961- 1967م.

* عضويّةُ مجلسِ البحثِ العلميِّ الأردنيِّ.

* عضويّةُ المجمعِ العلميِّ العربيِّ في دمشقَ.

* عضويّةُ مجمعِ اللّغة العربيةِ في القاهرة.

* عضويّةُ مجلسِ أُمناءِ الجامعةِ الأردنيّةِ منذُ تأسيسها عام 1962م.

* عضويّةُ جمعياتِ العلوم الرياضيةِ، ومستشارُ الدّراساتِ العربيةِ في معهدِ آسيا بالولايات المتّحدة.

لم يضع هذا الجهدُ هباءً، وإنَّما استقرَّ في عقولِ علماء الأمّةِ ومفكّريها ورؤسائها، وكان موضعَ احترامهم وتشجيعهم وتقديرهم، فمنحوني حبهم، وأغدقوا علي بالأوسمةِ والجوائزِ التّشجيعيةِ والتقديريةِ، منها:

*وسامُ الجمهوريةِ المصريُّ من الطّبقةِ الأولى، وقد منحهُ ليَ المرحومُ جمال عبد الناصر، في عيدِ العلمِ العاشر في الجمهوريةِ العربيةِ المتحدةِ، الذي عُقدَ سنة 1961م في جامعة القاهرة.

*وسامُ الكفاءةِ الفكريّةِ المغربيِّ من الدّرجةِ الممتازة.

*درجةُ الدكتوراةِ الفخريةِ التي منحتها لي جامعةِ البنجابِ في الباكستان سنة 1967م.

* وسامُ الإستقلالِ من الدّرجةِ الأولى، من المملكةِ الأردنيةِ الهاشميةِ سنة 1957م.

* وسامُ الكوكبِ الأردنيِّ من الدرجةِ الأولى سنة 1964م.

نشاطي السياسي

 

نشأتُ، كما ذكرتُ في بدايةِ حديثي عن حياتي، في أسرةٍ ذاتِ اهتمامٍ بالقضايا السّياسيّةِ والوطنيّةِ، وقد أسهمتِ الظّروفُ السِّياسيةُ التي مرَّ بها وطني فلسطينُ، منذُ بدايةِ رحلتي في هذه الحياةِ، في تغذيةِ التّيّارِ الوطنيِّ المشبوبِ الذي كان يختلجُ في صدري، ويعتلجُ في فؤادي.

لقد اشتركتُ في المظاهراتِ، التي كانت تُطالبُ بحقوقِ شعبنا وأمّتنا من المستعمرين الإنجليز، كما اشتركتُ في كثيرٍ من المؤتمراتِ الوطنيّةِ في الدّاخلِ والخارجِ، ورفعتُ صوتي عالياً من أجلِ العدالةِ الضّائعةِ، والحقوق المسلوبةِ من أصحابها. وقد أدَّى ذلك إلى تعرُّضي إلى صنوفٍ من المعاناةِ التي تمثلتْ في السّجنِ، والنّفيِ، والإبعادِ عن الأهلِ والوطن.

ومن أجلِ تحقيقِ الأهدافِ السّياسيةِ والوطنيّةِ التي آمنتُ بها، وعملتُ من أجلها، فقد شغلتُ عدداً من المناصبِ التي كنتُ أعتقدُ أنَّها وسائلُ صالحةٌ للنّهوضِ بالواقعِ المتردّي لشعبنا وأمّتنا، ومنها:

*نائبٌ في البرلمانِ الأردنيِّ عن منطقةِ نابلسَ، في دورتين متتاليتين 1950-1954م.

* وزيرُ خارجيةٍ في الحكومةِ الأردنيَّةِ سنة 1964م.

* ولقد أعطيتُ هذه المناصبَ من العملِ والجهدِ أكثرَ مما أعطتني من المكانةِ التي لم تكن هدفاً في حدِّ ذاتها. وبقيتُ على العهدِ لوطني وأمتي إلى أن قضيتُ نَحبي.

 

 

نهاية رحلة العُمر

صَحََوْتُ على فجرِ حياتي مبكراً، وَوَدَّعتُ هذه الحياةَ مبكراً. لقد عشتُ، ما بين الصَّحوةِ المبكرةِ والغفوةِ الأخيرةِ، واحداً وستين عاماً، قطعتها في الدِّراسةِ، وطلبِ العلمِ، وقضيتها في تعليمِ الأجيالِ، وإنارةِ الدربِ أمامهم، وأمضيتُها مكافحاً في ساحاتِ السياسةِ، ومناضلاً في ميادينِ الفكرِ، والبحثِ، والتأليف.

لم أكن أعلمُ، وأنا في إحدى رحلاتي خارجَ الوطنِ، أنَّ الموتَ كان ينتظرني حيثُ وهبتْ لي الحياةُ، في بيروتَ التي شهدت مولدي العلميَّ والفكريَّ، في ذلك اليوم، يوم الجمعة السادسِ والعشرين من شهر شباط سنة 1971م، وبينما كانتِ الشَّمسُ تطلُّ من السماءِ على الناسِ على استحياء، دخلتُ مستشفى الجامعةِ الأمريكيّةِ إثرَ ألمٍ مفاجئ شعرتُ به في صدري، ولكنّني خرجتُ من المستشفى لأوارى الثرى في مدينتي نابلس، إلى جوارِ حبيبي وابن عمِّي شاعرِ فلسطينَ إبراهيم طوقان، حيثُ الجوارُ الكريم في رحابِ الآخرةِ.

ما ضننتُ في يومٍ من الأيّامِ بجهدٍ في سبيلِ الوطنِ، وما توانيتُ في لحظةٍ من اللَّحظاتِ، عن تقديمِ ما يخدمُ أبناءَ أمّتي وشعبي. لقد غادرتُ هذه الحياةَ، وفي جَعبتي الكثيرُ مما كنتُ أدَّخرُهُ للوطن والشَّعبِ، لهذا، فقد عزَّ نعيي على الجميعِ، ورثاني الأحبابُ والأصدقاءُ، ونعتني الهيئاتُ والمؤسساتُ والمجامعُ العلميةُ. ولعلَّ ما يعلقُ بالذاكرةِ الآن، رثاءُ ابنةِ عمي، الشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان، بأبياتٍ من الشعرِ قالت فيها:

أما كنتُ بالأمسِ ملءَ العيون فكيف مضيت لحلم عبر

لعمري لئن خطفتك المنايا وَوارَتْكَ تحتَ ظلم الحفر

فما زلتَ في كلِّ نفسٍ تعيش عبيراً زكا وضياءً غمر

سقت رحمةُ الله قبراً طواك يا سيرةً من كبار السير

ولكنِّ عزائي عن هذا الفراقِ السريعِ، أنَّني تركتُ خلفي للأجيالِ ما أذكرُ به أعمالٍ فكريةٍ خالدةٍ، منها:

*نواح مجيدة من الثقافة الإسلامية، بالإشتراك مع جماعة من المؤلفين المصريين، وقد أصدرته مجلة المقتطف في مصر سنةَ 1936م.

* تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، أصدرته مجلة المقتطف سنة 1941م، وأعادت الإداراة الثقافية بجامعة الدول العربية طبعه ثانية في طبعة مزيدة ومنفتحة سنة 1954م.

* الكون العجيب، الكتاب رقم-11 من سلسلة إقرأ- التي تصدرها دار المعارف- القاهرة سنة 1943م.

* بين العلم والأدب( مجموعة مقالات وكلمات مذاعة من إذاعة فلسطين العربية) سنة 1946.

* الأسلوب العلمي عند العرب، سنة 1946.

* بعد النكبة- دار العلم للملايين- بيروت، سنة 1970م.

* وعي المستقبل- دار العلم للملايين- بيروت، سنة 1953.

* الخالدون العرب- دار العلم للملايين- بيروت، سنة 1954م.

* بين البقاء والفناء- الكتاب رقم 149 من سلسلة إقرأ دار المعارف- القاهرة سنة 1955م.

* العلوم عند العرب، سنة 1956م.

* ابن حمزة والتمهيد إلى اللوغارتمات، سنة 1958م.

* مقام العقل عند العرب، سنة 1960م.

* أثر العرب في تقدم علم الفلك، سنة 1961م.

* العلوم عند العرب والمسلمين، سنة 1961م.

* الرّوح العلميّة عند العرب والمسلمين، سنة 1962م.

* حيوية العقل العربي في نقد الفكر اليوناني، سنة 1966م.

* أبو الرّيحان البيروني، سنة 1966م.


       

تعليقات الزوار

 
 
 

التقرير المالي للعام 2021 - جمعية اصدقاء الاطفال العرب

التقرير المالي للعام 2021 - جمعية اصدقاء الاطفال العرب

العدد 180 من الحياة للأطفال في حلّة الزّيتون 12-2021

Arab children Friends Association جمعيّة اصدقاء الأطفال العرب

التقرير المالي المدقق للعام 2020 لجمعية اصدقاء الاطفال العرب

 
   

مكتبة جلجولية العامّة تزفُّ فرسانها على...

   
 

هل تحب زيارة موقع الحياة للأطفال؟

نعم

ليس كثيرا

احب قراءة اي شيء

لا يهمني

 
     

صفحة البيت | عن الحياة للاطفال |سجل الزوار | شروط الاستخدام | اتصلوا بنا

Developed by ARASTAR